المدونة

أن ترحل وتبقى

“إن كنت تنوي الرحيل، لا تقض وقتًا ممتعًا معي”

استوقفتني هذه الجملة الغريبة منذ أيام قليلة، وأرقتني كثيرًا..
هل فعلاً علينا أن نتوقف عن قضاء أوقات ممتعة معًا إن كنت لن أبقى؟
كلنا في مرحلة ما سنغادر هذا المكان، شئنا أم أبينا، مهما كانت خططنا وجهزنا أنفسنا لمواجهة القدر، نبقى كائنات محدودة العلم والقدرة، لماذا علينا إذاً التخلي عن جمال الصداقة التي قد تبقى ، ولو ذهبنا وغادرنا، قد تبقى مدة طويلة، الحب والصداقة والعاطفة أشياء يصعب زوالها حتى لو بعدت المسافات..
نعم ، قد تتناقص حدة المشاعر والانفعالات مع البعد، لكن إن أحببت أحدًا بصدق فلن ينسيك إياه الدهر كله.
سيكون الرحيل محزنًا، لا شكّ، لكن لماذا نستحضر ذلك الفراق في كل جلسة من جلساتنا إن كنّا نكرهه؟ هل نستعجله؟ هل نريده ليخلصنا من هذه اللحظات القليلة التي نسرقها من نسيج الزمن لحفرها على أذهاننا؟
كثيراً مالتقيت أناساً وافترقت عنهم، كانت لحظات قصيرة التي جمعتنا، لكن يبقى لهم في قلبي مكانة وفي الفؤاد منزلة.
إن كنت تنوي الرحيل، فاترك ورائك أثرًا يبقيك في ذكرى الذي تركته إلى الأبد، أجعلها وردةّ معطرةّ بأجمل أحساسيك وصفاتك، دعها تكون أنت حين تغيب، أجعلها بسمةّ ترتسم على شفاه من تحبهم، وكلمة على أوراقهم وصديقًا للأبد في قلوبهم.

Standard
المدونة

سيدة البندقية

في الطائرة متجهاً إلى وجهة أخرى، كما جرت العادة، لم يسترح منذ عدة أسابيع، العمل والتصوير متنقلاً من بلد إلى آخر حاملاً الكاميرة للتصوير والعمل.
في تلك الطائرة، رحلة ممتدة خمس ساعات طوال، يصطدم فجأة بينما هو عائد من المغسلة بمضيفة الطائرة، يقرأ بطاقتها الاسمية “إيليا” يبتسم ويعتذر بشدة لها، تنظر إليه مبتسمة وترشده إلى مقعده.
ينظر إليها من بعيد، تراقبه بنظراتها هي أيضاً، تراقبه ثم تسأله إن كان يريد أي خدمة، يبتسم ويقول ” أريد صديقاً فقط، فلقد مللت من السفر”
تبتسم وتجلس جواره، تفاجئ دانييل بها، لكن لما لا؟  بدأت تعرفه عن نفسها وعن عملها في شركة الطيران وتنقلها المستمر من بلد لآخر، أخبرها بنفس الهموم والتنقلات المستمرة والحجز في الفنادق وعدم العودة إلى المنزل..كان يريد الراحة فقط!
تحادثا طوال فترة استراحتها، ثم اعتذرت منه للذهاب إلى العمل..وصلوا معاً إلى ألمانيا وتوجه كل منهما إلى طريقه بعد ابتسامة وسلام.

يرن هاتفه ليلاً، يستيقظ، “مرحباً أنا إيليا، هل أنت مشغول؟”

فينيسيا

“لا ليس بالفعل، مم أهناك مشكلة؟”
“ههه لا لا ..لكن..إجازتي غداً هل انتهيت من عملك في ألمانيا؟”
“نوعاً ما، غداً علي تسليم بعض من الأوراق ثم أعود إلى الدنمارك”
“ما رأيك في الذهاب إلى البندقية؟”
ينظر إلى سقف غرفته متعجباً، أحتاج صديقاً…وأحتاج راحة من السفر..فأسافر؟ لابأس! ، يبتسم في سره “نعم، لم لا؟”
“ألقاك في  المطار بعد أربع ساعات”
يهز برأسه ويذهب ليشرب قهوة الصباح! Continue reading

Standard
المدونة

تلك التي سودت يومي !

استيقظت مبكراً، أنا و ج. وصديقي عمرو وانطلقنا لنلتقي بصديقنا المصري الذي سيأخذنا لزيارة الأهرام، وبعدها سأذهب لأعمل بأوراقي الرسمية.
هكذا كانت الفكرة، وانطلق معنا صديقاي، فارس ومحمد..

افترقنا إلى فريقين، ج. وعمرو و صديقنا المصري الظريف عرفة، بينما أنا قررت الذهاب أولاً مع فارس ومحمد إلى الوافدين في القاهرة للعمل بأوراقنا..
أذكر ذلك اليوم جيداً، يوم خميس..وصلنا إلى الوافدين..بدأ محمد وفارس بأوراقهما، وتوجهت أنا إلى الموظفة المسؤولة عن التسجيل..كانت ترتدي طقم مكوناً من قطعتين، بنفسجي اللون، ترتدي حجاباً ابيضاً، وجهها مدهون بالمبيض والكحلة حول عينيها مسودة.
نظرت إليّ باحتقار شديد، وقالت .. سوري؟ هززت رأسي بالإيجاب.. قالت لي” لقد انتهى التسجيل هذه السنة ، تعال السنة القادمة”.
تجمد الدم في عروقي…بعد خسارة سنة من عمري..سأخسر أخرى؟ وفي مصر؟ وسأتأخر في كل شيء مرة أخرى؟ لماذا..
متى انتهى التسجيل؟ تساءلت..

-النهارده
-بس الساعة لسا واحدة ونص
-ماهو خميس..وخلاص يلا..ممكن تتفضل

شعرت بالضياع..لا أعرف كيف أصف ذلك الشعور..عندما تجد خلاصك الوحيد ثم تفقده..فقدت الأمل في كل شيء.
كنت هائماً في مركز الوافدين…رأتني سيدة سمراء اللون، ابتسمت وسألتني عن خطبي،  أخبرتها بكل شيء..نظرت إلي..أعطني أوراقك، أخذت نظرة سريعة..
تعال معي.
السيدة التي سجلتني، وعملت كل ماباستطاعتها لرسم ابتسامة على وجهي ولمنحي فرصة العودة..
أشكرها..
أما السيدة البيضاء، فلها مني كل الحقد والدعاء 😛
عدت إلى طنطا ذلك اليوم مرهقاً…ومن حينها إلى اليوم الحالي لم أزر الأهرامات بعد !

Standard
المدونة

كيف بدأ الخلق؟

بدأت المحاضرة التي قرأنا من أجلها كتاب “كيف بدأ الخلق” والتي تحمل نفس الاسم، لكاتبه د.عمرو شريف، الجراح والمفكر في أمور العلم والدين والإلحاد. تمركزنا في المقاعد الأولى مقابل محدثنا الذي جاء مبتسماً وبدأ محاضرته بالسلام علينا وسؤالنا “ما الحقيقة العلمية ومالفرق بينها وبين المفهوم العلمي، تعدد الإجابات واستقبلها محدثنا بابتسامة وتعليق..ثم قال “لا ينبغي أن نتحدث في هذا العصر عن حقيقة علمية، بل القدرة التفسرية للمفهم العلمي.”
ثم بدأ بالحديث عن بداية الكون العظيم وكيف تفجرت النقطة المفردة منذ 13.8 مليار سنة تقريباً لتشكل الكون ومجراته، ثم بدأ الحديث عن الكون وبداية الحياة، وقصة الدنا أم البروتين في البداية ، وهي 28

Continue reading

Standard
المدونة

في البداية كان الضياع!

الساعة الحادية عشرة صباحاً، أفتح عيناي قليلاً، أتذكر أني الآن في إفريقيا مرة أخرى، البلاد الأولى، حيث جاء كانت بداية كل شيء، هل يا ترى هنا ستكون نهاية رحلتي الدراسية التي دامت طويلاً؟

أذهب لأغسل وجهي، أرى صديقي ج. يعدّ الفطور، أبتسم وأحييه، يدعوني للجلوس معه وتناول الطعام.
فطور دمشقي بسيط، هذا ما أفتقدته في ليبيا، بل الصديق الذي تعرفه من قبل، ذلك شيء هام، ولو أني في ليبيا تعرفت على أصدقاء جدد رائعين أيضاً. نتكلم معاً عن الجامعة والدوام والمنهاج وطريقة الامتحانات، فهأنا قد جئت في آخر العام حيث لا وقت للعب، فقط امتحانات!
ما لبثت حيناً حتى وجدت أنس ، صديقي الذي أصابني باللعنة 🙂 يرتدي ملابسه ويخبرني بالإسراع معه.
-لوين؟
– عالدوام!! المدام فايزة ما لح تاخد حضورنا إذا تأخرنا!!!
-أنا: يا رب ! لنشوف شو بيصير !
توجهت مع صديقي، لأول مرة إلى “راوند” الباطنة العامة ، مسرعين وصلنا إلى المشفى الجامعي خلال عشر دقائق، والحمدلله! لقد وصلنا قبل انتهاء الوقت المخصص لتسجيل الحضور! الغياب يعني عدم الدخول في الامتحان هنا!
جلست في المقعد في الصف قبل الأخير، وجدت وجوهاً آسيوية، وأخرى تبدو غير مصرية، تكلم أحدهم باللهجة الفلسطينية المحببة، ثم تكلم أحد الآسيوين بالإنكليزية، تبين لي في ما بعد أن هؤلاء ، شبهائي! ماليزيون !

كانت المحاضرة عن تخطيط القلب، بسيطة جداً ، لكني كنت متلبكاً ! إنها المرة الأولى منذ فترة لأحضر صفاً رسمياً !
أتممت ورق تسجيلي بسهولة في اليوم الأول في الجامعة، ولأقل معظمها! وكان مدير مكتب الوافدين بالجامعة متعاوناً جداًاًاًاًاًاًجداًاًاًاًاًاً 🙂  (حتى أنني خصصت تدوينة عن التسجيل تجدونها هنا، وخصص أصدقائي مقطع فيديو مضحك عن المعاناة التي يجدها الطلبة في التسجيل يمكنكم مشاهدته من خلال الضغط هنا.)
Continue reading

Standard
المدونة

عند المرأة، وعند الرجل

الحبّ، مهما اختلفنا في تعريفه وتوضيحه، لن نصل إلى نقطة مشتركة قطعاً فهو مفهوم مختلف بين فرد وآخر، ما قد يسميه أحدهم “نسياناً” قد يسميه “خيانة” وباختلاف المسميات والمفاهيم تضيع الكلمات وأهميتها.
الحب عند الرجل، الحب عند المرأة، هل هما مختلفان؟
المرأة تستطيع أن تحب أكثر من شخص واحد في نفس الوقت، يقول صديق لي، لا أعتقد بصحة هذا الكلام، عندما تحب المرأة بصدق وبإخلاص  فهي لن تحب سوى محبوبها الوحيد. أما الرجل، وخاصة من يُسمى ب “النسونجي” فهو يستطيع أن يحادث أكثر من فتاة في الوقت ذاته ويقنعها أنه يحبها،  أو هكذا يعتقد هو الآخر.
الرجل يحب ويحاول الوصول إلى محبوبته بشتى الوسائل، فإن وصل إليها، واستطاع جذب اهتمامها تجده بعد فترة ما يشعر بالضجر والروتين الصارخ من العلاقة بينهما. بعكس المرأة، التي تستطيع أن تجد كل يوم شيئاً جديداً في علاقاتها العاطفية.
المرأة تحب بصدق، فهي حتى بعد هجرها وانفصالها عن الحبيب تستمر بحبه سراً.
الرجل، لا يستمر بذلك، سيتعب حتى ينسى، لكنه ينسى، هي لن تنسى أو ستنسى بصعوبة شديدة.
وكنت قد كتبت قبل ذلك تدوينة أواسي فيها زميلة لي تجدونها هنا.

يبدو أنني غير منصف للرجل، أو إني في صف المرأة، أليس كذلك؟
لا أعرف لم، لكني لطالما شعرت بقدسية الحب لدى المرأة واضمحلال أهميته عند الرجل، فهي موجودة من أجله، أما في مفهوم المرأة فهما معاً لتحقيق سعادتهما سوياً.
الحبّ سواء عرفناه أم لا، يبقى شيئاً نقياً أبيض، علينا حمايته من التشويه والضرر.
أردت أن أكتب كثيراً عن هذا الموضوع، لكن الأفكار تطايرت ! لا أعرف كيف أو لماذا..
كل ما كتبته هنا كان مقتطعاً من حوار دار بين عدة من أصدقائي.
وجهتي الشخصية أن كل ما ذكر معقول، لا أنفي وجود اختلاف لدى البعض ..لكن ما ذكرته هو العام..

Standard
المدونة

عن الثلاثاء الأسود

الثالث عشر من آذار..يوم في حياتي يتكرر كل سنة، يتكرر كل شيءفي ذاكرتي فيه.
في 2007 استيقظت صباحاً كعادتي للذهاب للمدرسة، كنت في الثانوية العامة حينها، ذهبت مرتدياً كنزة سوداء فوق لباسي المدرسي الرمادي. كان يوماً كرهاً منذ بدايته، مرّ اليوم ببطء إلى أن وصلت إلى المنزل في الساعة الثانية، المنزل فارغ من الجميع، هذا شيء غريب بالنسبة لنا.. وجدت ورقة على الطاولة مكتوب عليها “فرزت” ، هرعت لأفتح الورقة وأقرأ محتواها، لكن رن الهاتف..كان المتصل عمي المسافر خارج البلد، يسألني أين أنا حالياً من رقم سوري! استغربت كيفية مجيئه من دون سابق إنذار أو اتصال..
رديت عليه بضحكة و سألته عن حاله، أخبرني أنه قادم للمنزل، كان في صوته نبرة غريبة..انتهت المكالمة، توجهت للورقة الموجودة على الطاولة البيضاء الكبيرة في غرفة الجلوس..
“فرزت، نحن في منزل جدتك الكبيرة، توفت الصبح…تعال عندما تقرأ هذه الورقة” Continue reading

Standard
المدونة

عن الألم.

عن الألم المضرّج بالفقدان..

عن الفقدان المصحوب بالقلق المستمر..

عن كل شيء ولا شيء..

أن لا تستطيع أن تثق بأحد، وأن تندم على إعطاء أحدهم قلبك..كل ذلك وأكثر..كل ذلك وأكثر..

أصعب ما في الكون ليس الوحدة، بل أن تُحاط بأناس لا يفهمونك، بل يخطئون بحقك ثم يعتدون عليك باعتبار أفكارهم هي الحقيقة، وكل ما عداها وهم.

اليوم..أنا حزين، اليوم أفتقد صديقي الوحيد.

حفظك الله يا سميح.

Standard
المدونة

في رحاب الإسكندرية

بين أخبار سياسية لا تنتهي و إنفلونزا الخنازير التي تستمر في الصعود و النزول كمعدلات الأمطار التي لانرى منها سوى أرقامها، كانت الإجازة الطويلة التي لم نعرف لها نهاية حتى الآن، لا أحب الخروج من المنزل، شخص بيتوتي للغاية، كلمة قد تلخصني كلّي ! لكن عند إعلان رحلة إلى الإسكندرية، تلك المدينة التي توصف أنها “لاتنام” وبما أنني لم أزرها ولم أزر بحرها من قبل…قررت الذهاب مع أصدقائي إلى هناك !
انطلقنا من طنطا صباحاً في الثامنة، الطريق يستغرق ساعتين.. لكن ليس في هذا الباص المهترئ. جلسنا في المقعد الأخير، أنا و أربعة من أصدقائي وكنا للأسف الشبان الوحيدين في هذه الرحلة. ثلاث ساعات قضينها بين كلام وأغانِ مصرية وأخرى لم أعرف حتى الآن جنسيتها، أشهرها ” مش حاروح” والتي كانت بامتياز أكثر أغنية مثيرة للاهتمام بالنسبة لي!
بعد مضي ثلاث ساعات طوال، وصلنا قلعة الإسكندرية، قلعة قايتابي كما تُسمى. دخلنا هذه القلعة الكبيرة المطلة على البحر.. من الداخل القلعة فارغة وصغيرة جداً لاتوازي أي قلعة من القلاع الموجودة في سوريا، لكن المميز بها هو سورها الكبير والثنائي الجدار ذو الإطلالة الرائعة على البحر الأبيض المتوسط.. هذه هي المدينة الثانية التي أرى منها المتوسط، بعد طرابلس ليبيا..للأسف لم أرى المتوسط في سوريا أبداً…

قلعة إسكندرية Continue reading

Standard